المقدمة:
هدف
العدالة الوصول إلى الحقيقة الواقعية التي يسعى لتحقيقها أناس لا يستطيعون الوصول
إليها حتما، لهذا تبقى هذه الحقيقة قضائية، وعليه فإن العدالة ليست معصومة من
الخطأ، فقد يحدث وأن تخطأ بصدد قيامها بجمع عناصر الجريمة وربطها وتقييمها في أية
مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية لاسيما وأن المشرع أجاز لقاضي
التحقيق خصوصا ولرجال القضاء إتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يرى
بأنها ضرورية للوصول إلى الكشف عن الحقيقة.
ولعل
أخطر إجراء من إجراءات التحقيق على الإطلاق هو الأمر بالوضع في الحبس المؤقت ولهذا
نجد أن المشرع أحاطه بشروط وإجراءات
وضمانات عديدة لفائدة المتهم تماشيا وتكريسا لمبدأ قرينة البراءة وهذا كله لأن
الأمر بوضع المتهم رهن الحبس المؤقت يسلب الشخص أعز ما يملك وهو حريته المقدسة على جميع الأصعدة
والتي تعتبر المنطلق والمسعى الحثيث للقانون الدولي لحقوق الإنسان، غير أنه ليس من
الضروري صدور حكم بإدانة المتهم الذي كان موضوع حبس مؤقت أثناء متابعته جزائيا،
فقد يصدر القضاء حكمه ببراءة المتهم في
حالة عدم توافر الأدلة الكافية لقيام الجريمة أو حالة عدم توافر أركان الجريمة،
وهذا عملا بمقتضى المادة 364 من قانون الإجراءات الجزائية أو حتى في حالة
وجود الشك في مدى إسناد الجريمة للشخص المتابع والمتهم بها لأن الشك يفسر دوما
لصالح المتهم وهذا أيضا ما تقتضيه قواعد قرينة البراءة والأمر ذاته يقال بشأن حق
قاضي التحقيق في إصدار أمر بألاوجه للمتابعة طبقا لنص المادة 163 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجزائية.
من
هذا المنطلق نصل إلى أن إمكانية حبس المتهم مؤقتا واردة في أية مرحلة من
مراحل سير الدعوى الجزائية و في نفس الوقت إمكانية تبرئة هذا المتهم
واردة
أيضا ولهذا فإن التساؤل يثور حول مدى إستفادة هذا الشخص من
تعويض عن فترة الحبس المؤقت التي قضاها والتي قضت العدالة بعد ذلك وأقرت براءته لا
سيما وأن الحبس يسلب الشخص حريته المضمونة دستوريا ويبعده عن حياته
الاجتماعية، ويعطل أعماله وقد يفقده مصدر رزقه وعول أسرته ناهيك عن المساس سمعته
وأسرته وغيرها من الأضرار المحتملة خاصة وأن البراءة لا تزيل كل الشكوك والتي تلحق
بعد الحبس المؤقت(1)، وفي حالة القول
بإمكانية تعويض هذا
الشخص فهل يستفيد من هذا التعويض الشخص الذي يصدر ضده أمر إيداع في جنحة متلبس بها
من طرف وكيل الجمهورية وفقا لإجراء التلبس؟ وهل يستفيد من هذا التعويض الشخص الذي إستفاد من البراءة لفائدة
الشك وماهي الجهة المختصة بمنح هذا التعويض؟.
لقد
تدخل المشرع الجزائري بموجب القانون 01-08 المؤرخ في 26
جوان 2001 وهذا بعد طول الإنتظار وبعد الأصوات
التي تعالت من طرف فقهاء وأساتذة القانون ومن طرف المتقاضين على حد السواء بضرورة وضع نظام
يتم من خلاله التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر، وبالفعل فقد
أعلن المشرع من خلال التعديل السالف الذكر عن ميلاد لجنة التعويض عن
الحبس المؤقت غير المبرر وهي لجنة موجودة على مستوى المحكمة العليا تتولى النظر في
طلبات التعويض المرفوعة إليها، وهكذا يكون المشرع الجزائري قد حدا حدو المشرع
الفرنسي الذي نصب لجنة إصلاح الضرر الناتج عن الحبس المؤقت منذ قانون 70-643، لذلك وجب التساؤل عن النظام القانوني الذي
يحكم وينظم عمل هذه اللجنة.
هذا
الموضوع سنتعرض له بالدراسة والتحليل من خلال بحثنا هذا معتمدين على التشريع
الفرنسي للمقارنة محاولين
الإجابة على جملة الأسئلة المطروحة سلفا بغية توضيح وإضفاء النور على هذه اللجنة
التي تبقى مجهولة حتى لدى العارفين بالقانون منتهين إلى القول هل هذه اللجنة نجحت
في الوصول إلى الهدف الذي أنشأت لأجله وهذا من خلال الخطة المقترحة التالية:
المبحث
الأول: تشكيلة اللجنة واختصاصها.
المطلب
الأول: تشكيلة اللجنة.
المطلب
الثاني: إنعقاد اختصاص اللجنة.
المبحث
الثاني: إخطار اللجنة.
المطلب
الأول: شروط إخطار اللجنة.
المطلب
الثاني: الحالات التي يجوز فيها الإخطار.
المبحث
الثالث: سير اللجنة والقرارات الصادرة عنها.
المطلب
الأول: إجراءات عمل اللجنة.
المطلب
الثاني: قرارات اللجنة.
(1)
الدكتور لخضر بوكحيل: الحبس الإحتياطي والمراقبة القضائية في التشريع
الجزائري والمقارن، ديوان المطبوعات الجامعية، ص333.
لتخميل المقال كاملا
http://adf.ly/tr7zz
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire