المتابعة الجزائية للجرائم البيئية
أناط القانون مهمة تحريك الدعوى
العمومية للنيابة العامة تمارسها بإسم المجتمع، وهذا كأصل عام، إلا أن المشرع أورد
استثناء لهذا المبدأ من خلال السماح لجهات أخرى بتحريك الدعوى العمومية أخذاً
بالنظام المختلط في مادة الإجراءات الجزائية، فيحق لكل متضرر من نشاط غير بيئي
تحريكها، إلا أن أهم جهة خول المشرع لها أمر تحريك الدعوى العمومية من غير النيابة
العامة في قانون البيئة 03/10 هي الجمعيات البيئية، وهذا ما من شأنه أن يعطي
مصداقية أكبر للمتابعة الجزائية.
أولا-دور النيابة العامة في حماية البيئة
تعتبر النيابة طرفاً بارزاً
لمواجهة الجنوح البيئية، إذ تشكل الجهة المكلفة بمتابعة الجانح، وهذا باسم
المجتمع، بعد أن تتوصل بمحاضر معايني الجنوح البيئية، أو بعد شكوى ترفع ضد الجانح وتبقى لها سلطة الملائمة pouvoir d’opportunité leفي تحريك الدعوى العمومية أو وقف المتابعة.
وتمارس النيابة العامة اختصاصات واسعة بخصوص الدعوى
العمومية فهي تنفرد بمباشرتها، حتى ولو تم تحريكها من طرف جهات أخرى.
ولا يمكن أن تؤدي النيابة العامة
دورها بشكل يسمح بمتابعة الجانح البيئي إلا مراعاة المسائل الآتية:
- تنسيق التعاون وإحداث تشاور مستمر بينها وبين مختلف
الجهات الإدارية المكلفة بالبحث عن الجرائم البيئية، فلقد تطرح أحيانا مسألة جهل التشريعات الخاصة
ببعض المجالات البيئية، لاسيما النصوص التنظيمية من
طرف أعضاء النيابة، فمثلا قد يتطلب القانون إجراءات إدارية وشروط محددة لممارسة نشاط قد يضر بالبيئة، ونتيجة عدم الإلمام قد تأمر
النيابة العامة بحفظ الملف معتقدة عدم توافر الركن المادي للجريمة.
- تأهيل أعضاء النيابة العامة، لاسيما في مجال الجنوح
الاقتصادية والجنوح البيئية، عن طريق فتح دورات تكوين تهدف إلى التعريف بمختلف
القوانين البيئية والأحكام التنظيمية في هذا المجال، والتي غالبا ما لا تنشر إلا
على مستوى الجهات الإدارية المكلفة بها.
ثانيا- التدخل القضائي لجمعيات حماية البيئة
لقد سبق الإشارة إلى أن الجمعية
تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد تأسيسها، فيكون لها الحق في التقاضي بأن تتأسس طرفا
مدنيا في المسائل الجزائية والتي تمس المجال البيئي، وذلك حتى في الحالات التي لا
تعني الأشخاص المنتسبين لها بانتظام[2]،
كما يمكن أن تفوض من طرف الأشخاص المتضررين لرفع الشكاوى وممارسة الحقوق المعترف
بها للطرف المدني أمام القضاء الجزائي.
ولكن رغم الجهود المبذولة من طرف
الجمعيات البيئية، إلا أن دورها يظل ناقصا لعدة أسباب منها ضعف الإعتمادات المادية
ونقص الوسائل المتاحة، إلى جانب كون القضاء الجزائري لا يزال مترددا في التعامل مع
هذه الأشخاص المعنوية على خلاف نظيره الفرنسي.
إن التدخل القضائي للجمعيات في
المجال البيئي له ما يبرره، فإضافة إلى مساهمتها في الكشف عن الجنوح البيئية فهي
تعمل على توضيح مدى خطورة الأضرار التي تنجم عنه والعمل على نشر وعي بيئي، وتفعيل
الدور الوقائي لحماية البيئة[3].
ولقد أكد
المشرع في قانون 03/10 على هذا الدور الفعال للجمعيات من خلال توسيع اختصاصاتها
وتدخلها في كل المجالات التي تمس البيئة، الشيء الذي يؤدي إلى إبراز الدور المرجو
من هذه الجمعيات في مجال حماية البيئة وتحسين الإطار المعيشي
[1] -Patrick mistretta : « la défaillance de l’institution judiciaire se
manifeste tout d’abord au sein du ministère public qui, bien souvent, n’intègre
pas la lutte contre la délinquance écologique parmi ses objectifs prioritaires.
L’indifférence de certains parquets concernant le contentieux écologiques est
réelle, et elle se traduit sur le plan juridique par l’utilisation excessive du
pouvoir d’opportunité des poursuites dans le sens du classement sans suite. A
supposer les poursuites engagées, le procureur de la république préfère, dans
la mesure ou la loi l’autorise, transiger avec l’administration plutôt que saisir
le juge pénal. ». Thèse pour le doctorat en
droit « la responsabilité pénale du délinquant écologique ».
soutenue le 13 janvier 1998 à l’université jean moulin-lyon.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire