يمثل مجموعة الحاجيات العامة للدولة التي يتعين علينا اشباعهـا محـور النشـاط المالي والإقتصادي للدولة ويتمثل هذا
النشاط في قيام الدولة بالنفقات العامة، ويتطلب القيام بالنفقات العامة حصول
الدولة على ايرادات عامة بالقدر الكائن لتغطية هذه النفقـات ويقتضي مقابلتهـا
بالإيرادات العامــة .
إذ إن
الإيرادات العامة للدولة تكون محددة وفق قوانين الدولة ففي النظام الجبائي
الجزائري تتضمن موارد الدولة كل من الجبايـة البتروليــة والتي تمثل نسبـة
56%،الجباية العاديـة -الضريبة- 35% ، أما الجباية غير العادية فنسبتها 9 % من
مجموع الإيرادات العامة للدولة المنصوص عليه في قانون المالية لسنة 2003.
ولما
كان نظام الجباية ذو أهمية كبيرة على المستوى المالي للدولة من خلال تحقيق التوازن
المالي للخزينة فقدت عمدت الجزائر إلى الإصلاح الضريبي سنة 1991 ,إذ قبله لم تعر الدولة اهتماما كبيرا للجباية
العادية وما يمكن أن تلعبه الضريبة من دور
فعال في الحيـاة الاقتصادية العامة إذ كانت تعتمد على الجباية البترولية ونظرا
لتذبذب أسعار البترول وعدم استقرار سـوق المحروقات فإن هذا يحول دون تحقيق استقرار
مالي للخزينة العمومية وهذا ما أدى بالضريبـة إلى فرض نفسها كإلزامية أوجدتها
الظروف الاقتصادية السائدة سواء الرأسمالية أو الاشتراكية
وهذه من
الأسباب التي جعلتنا نسلط الضوء على نظام الضريبة في الجزائر لأنهـا تحتل مكان
الصدارة بين مصادر الإيرادات العامة ليس فقط باعتبار ما يمكن أن تتلقاه من موارد مالية ولكن
لأهمية الدور الذي تلعبه في تحقيق أغراض السياسة المالية ولما يترتب عنها من آثار
اقتصادية واجتماعية .
ولما
كانت الضريبة نظاما ماليا سائدا في الدول الإسلاميـة والعربيـة فهل تعد السبب
الوحيد للإيرادات العامة لهذه الدول ؟
إن
الدارس للنظام المالي الإسلامي نجد أن هناك نظام أخر غير الضريبة يجب أن يحظى
بالقدر الكافي من الدراسة وقد يكون الأخت التوأم للضريبة والتي تدعى الزكاة.
وقد
يبدو للوهلة الأولى أن معالجة المقاس الاقتصادي للزكـاة باعتبـاره نظـام مالـي في
المجتمعات الإسلامية موضـوع لاطائل من ورائــه مادامت هذه الأخيرة شعيـرة دينيـة
لا تخضع لتقلبات السوق والحقيقة أن هذه الرؤية ناجمة عن التحليل الساكن لفريضة
الزكاة وأنها علاقة خفية بين المكلف وصاحب
التكليف ،بينما ارتباط هده بقوة الدولة وسيادتهـا يجعلهــا تتجاوز التحليل الساكن
إلى الفعل الإقتصادي والمالي ، ومن هذا المنظور يكون من الواقعية أن تخضع للقياس
الإقتصادي حتى يستفاد من إمكانية علم الاقتصاد في دفع سياسات محكمة لتفعيلها. كما
أن الزكاة تتعايش في الوطن الإسلامـي بوضعها الراهـن في مجـال جبايتها وتوزيعها مع
الضريبة في مجال تنظيمها ،إذ تحتل الضريبة صدارة النظام المالي الغربي ، في حين أن
الزكـاة مازلت شعيرة دينية ذات بعد ديني كما سبق ذكره رغم أنه ليس هناك في
المذهبيـة الإسلاميـة فصل بين الشعائر ونظم الحياة في التطبيق[1].
- فهل هذا يعني أن الدول الإسلامية قد تخلت
عن الزكاة كنظام مالي ، كون الضريبة تغني عنها؟
- وإلى أي
مدى تنسجم الأنظمة الضريبية المطبقة حاليا في البلدان الإسلامية مع معطيات النظام
المالي الإسلامي؟
- وهل غياب
الزكـاة كـأداة ماليـة تخضع لقانون وتنظيم من أهم العوامل التي أدت إلى التخلي عنها
واعتبارها شعيرة دينية لا غير؟
وإن الإجابة عن الإشكاليات من بين الأسباب
التي جعلتنا نختار هده الدراسة المقارنـة بين الزكاة والضريبة ، بالإضافة إلى كونه
موضوع لم يطرح لمناقشته في مذكرات التخرج الدفعات السابقة للقضاة مما حفزنا لنكون
المبادرين للبحث فيه ، خاصة مع بروز مشـروع صنـدوق الزكـاة في الجزائـر .
وقد واجهتنا في بحثنا هذا عدة صعوبات مرتبطة
بالأسباب التالية:
1. إنجاز المذكرة خلال فترة التربص الميداني بمجلس قضـاء
غردايــة الـذي يفتقر إلى مكتبـة قــانونيــة .
2. عدم التمكن من الإلمام بكافة عناصر التشريع الضريبي
الموزع في قوانين مختلفة نظرا لقصر الوقت.

ما الفصل الثاني فقد كان لوعاء كل من
الزكاة والضريبة أين تناولناه في مبحثين.
وأخيرا
الفصل الثالث تناولنا فيه تحصيل وتوزيع كل من الزكاة والضريبة إضافة إلى الآثار
المترتبة عن فرض كل من الزكاة والضريبة.
لقد تطورت الأنظمة المالية عبر الزمن
وأخذت أشكالا متعددة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، وقد تميز النظام المالي
الإسلامي منذ نشأته بخصائص ومميزات تراعي أهداف ومتطلبات المجتمع من جميع جوانبه،
وتعتبر الزكاة أهم الموارد في النظام المالي الإسلامي.
فالزكاة لغة هي النمو فنقول زكا الشيء
أي زاد كذلك نعني بها الطهارة والبركة والإصلاح فقال تعالى ﴿ قد أفلح من زكاها﴾ أي طهرها من الأدناس. والزكاة
شرعا تطلق على الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله من المستحقين وسميت هذه
الحصة المخرجة من المال زكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه وتقيه الآفات.
والزكاة حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص وقد فرضت في السنة الثانية
للهجرة، وبالتالي فقد سبقت الزكاة الضريبة في الظهور وهذا ما جعلنا نتناول دراستنا
المقارنة بدءا بالزكاة ثم الضريبة.
فأول من شرع في نسج نظرية الضريبة
ونظرية الميزانية أيضا منذ أربعة عشر قرنا فقد كان الإمام علي كرم الله وجهه يرى
أن الحكمة من فرض الزكاة هي ضرورة ضمان نشر الإسلام والأمن في ربوع المجتمع، ففي
الكتاب الذي أرسله إلى حاكم مصر " مالك أسطر النخعي " ذكر وظيفة
الضريبة. فقد جاء ذكر الضريبة في القرآن في قوله تعالى ﴿ وضربت
عليهم الذلة والمسكنة﴾[2]
ومنه جاء مصطلح الضريبة لغة من الفعل ضرب الذي يعني الالتزام فيقال أضرب الشخص في
بيته أي إلتزمه، كما قد يعبر بها عن السجية أو الطبع الذي يتميز به شخص معين فيقال
ضرب على الكرم أي اعتاد عليه ففيها معنى الثبات أما في الاصطلاح فيعطي الفقيه
" جون ميقرت " مفهوم مزدوج للضريبة ويقول اقتصاديا أن الضريبة هي اقتطاع
نقدي تقوم به الدولة بغرض تغطية النفقات العمومية أما قانونا هي حق الدولة على
المكلف بدفعها.

من خلال ما تقدم يمكن أن نتساءل عن أساس
فرض كل من الزكاة والضريبة والفرق بينهما ؟ وهل أن المكلف بأداء الزكاة لا يكون
مكلفا بأداء الضريبة ؟
والإجابة عن هذه التساؤلات جاءت في هذا
الفصل الذي هو عبارة عن مقارنة بين أساس فرض كل من الزكاة والضريبة الذي تناولناه
في المبحث الأول والمقارنة من حيث المكلفين بأداء كل منهما والذي جاء في المبحث
الثاني.
للتحميل الموضوع كاملا
http://flexydrive.com/8uder386gze8
طريقة التحميل
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire