samedi 8 novembre 2014

الوسائل الوقائية لحماية البيئة

الوسائل الوقائية لحماية البيئة
   نتطرق في هذا المبحث إلى تحديد أهم الوسائل القانونية والوقائية التي تستعملها الإدارة من أجل الحفاظ وحماية البيئة، بدأ بنظام الترخيص، الإلزام، الحظر والتقارير إلى نظام دراسة التأثير.

المطلب الأول: نظام الترخيص
   يقصد بالترخيص الإذن الصادر عن الإدارة المختصة لممارسة نشاط معين، والترخيص ما هو إلا وسيلة من وسائل الضبط الإداري[1]، وهو عبارة عن قرار صادر عن السلطة العامة، الهدف منه تقييد حريات الأفراد بما يحقق النظام العام داخل المجتمع، ولهذا الأسلوب تطبيق واسع في مجال حماية البيئة لاسيما في التشريعات الأوربية، بحيث يجد مصدره الأول في المرسوم الذي أصدره نابليون سنة 1910 الخاص بضرورة الحصول على ترخيص[2] لإقامة مؤسسات من شأنها أن تسبب أضراراً للجوار.
   كما نجد في التشريع الجزائري أمثلة كثيرة عن نظام الترخيص في مجال حماية البيئة، وعليه سنقتصر على أهم تطبيقات هذا أسلوب:


الفرع الأول: رخصة البناء و حماية البيئة
   يبدو للوهلة الأولى أنه لا توجد علاقة بين رخصة البناء وحماية البيئة، إلا أنه بإستقراء مواد القانون 90/29 المتعلق بالتهيئة والتعمير[3] يظهر أن هناك علاقة وطيدة بين حماية البيئة ورخصة البناء، وأن هذه الأخيرة تعتبر من أهم التراخيص التي تعبر عن الرقابة السابقة على المحيط البيئي والوسط الطبيعي.
   فلقد اشترط قانون 90/29 الحصول على رخصة البناء تمنحها الإدارة المختصة قبل الشروع في إنجاز أي بناء جديد، كما اشترط الرخصة في أي ترميم أو تعديل يدخل على البناء، بل اشترطت بعض القوانين على من يريد البناء في بعض المناطق المحمية الحصول على موافقة الوزارة المكلفة بالتسيير أو الإشراف على الأمكنة المراد إنجاز البناء فيها.
   فلقد نص القانون 98/04 المتعلق بحماية التراث الثقافي على أن أي تغيير يراد إدخاله على عقار مصنف ضمن التراث الثقافي لرخصة مسبقة تسلم من طرف الوزير المكلف بالبيئة[4] .
   كذلك بالنسبة للبناء في المناطق السياحية ومواقع التوسع السياحي فإن القانون 03/03[5] أخضع منح رخصة البناء فيها إلى أخذ الرأي المسبق للوزير المكلف بالسياحة.
   علما أن الحصول على موافقة الوزارة المعنية يعتبر إجراء مسبق وليس رخصة، وإنما يجب الحصول على الرخصة من الهيئة الإدارية المختصة التي عينها قانون التهيئة والتعمير[6].
   وبالرجوع لأحكام القانون 90/29 نجد المادة 7 منه تنص على أنه يجب أن يستفيد كل بناء معد للسكن من مصدر للمياه الصالحة للشرب، وأن يتوفر على جهاز لصرف المياه يحول دون تدفقها على سطح الأرض، كما تشترط المادة 8 على أن يكون تصميم المنشآت والبنايات ذات الاستعمال المهني والصناعي بكيفية تمكن من تفادي رمي النفايات الملوثة وكل العناصر الضارة.
   ويجب الإشارة إلى أن صلاحيات الإدارة في منح رخصة البناء تختلف حسب ما إذا كانت المنطقة تتوفر على أدوات التعمير أو لا تتوفر.
   ففي حالة عدم وجود أدوات التعمير فإن دراسة الطلب والرد عليه يكون بالرجوع للقواعد العامة للتعمير، التي نص عليها القانون وضبطها المرسوم 91/175 المتعلق بالقواعد العامة للتهيئة والتعمير، الذي بين في مواده الحد الأدنى من القواعد التي يجب أن تحترم في البناء بحيث نصت المواد 4،3 و5 منه على إمكانية رفض تسليم رخصة البناء بالنسبة للبنايات والتهيئات المقرر تشيدها في أراضي معرضة للأخطار الطبيعية مثل الفيضانات، الإنجراف وإنخفاض التربة وإنزلاقها والزلازل والجرف أو المعرضة لأضرار خطيرة يتسبب فيها الضجيج، أو إذا كانت بفعل موضعها ومآلها أو حجمها من طبيعتها أن تكون لها عواقب ضارة بالبيئة.
   أما في حالة و جود أدوات التعمير والتي تتمثل في:
- المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير PDAU .
- مخطط شغل الأراضي P.O.S .
   فيجب أن تحترم البناية المزمع إنجازها هذا المخطط وما ورد فيه، علما أنه إذا كانت البلدية يغطيها مخطط شغل الأراضي فإن مسؤولية اتخاذ القرار في منح أو رفض رخصة البناء تعود إلى رئيس البلدية ويدرس الطلب من طرف مصلحة التعمير لدى البلدية، ويتخذ القرار رئيس البلدية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.
   أما إذا كانت البلدية لا تتوفر على مخطط شغل الأراضي فإن مصالحها تكتفي عند تلقي الطلب بإرسال الملف إلى مديرية التعمير بالولاية لدراسة وإبداء رأيها فيه، ويلزم رئيس البلدية بالقرار الذي تتخذه مديرية التعمير   فلا يمكنه منح رخصة البناء إذا أبدت تحفظات عليها.
   ولقد حدد المرسوم 91/176 المؤرخ في 28 ماي 1991 الشروط الواجب توفرها للحصول على رخصة البناء، والتي تتمثل في :
1- طلب رخصة البناء موقع عليها من المالك أو موكله أو المستأجر المرخص له قانونا أو الهيئة أو المصلحة المخصصة لها العقار.
2- تصميم للموقع.
3- مذكرة ترفق بالرسوم البيانية الترشيدية والتي تتضمن وسائل العمل وطريقة بناء الهياكل والأسقف ونوع المواد المستعملة، وشرح مختصر لأجهزة تموين بالكهرباء والغاز والتدفئة.
4- قرار الوالي المرخص بإنشاء مؤسسات صناعية وتجارية مصنفة في فئة المؤسسات الخطيرة والغير صحية والمزعجة.
5- دراسة التأثير.
الفرع الثاني: رخصة استغلال المنشآت المصنفة
    لابد أن نتطرق أولا إلى مفهوم المنشآت المصنفة ثم إلى إجراءات الحصول على رخصة استغلالها.

 أولا: المقصود بالمنشآت المصنفة
   عرف المشرع الجزائري المنشآت المصنفة في قانون 03/10[7] على أنها تلك المصانع والورشات والمشاغل ومقالع الحجارة والمناجم وبصفة عامة المنشآت التي يستغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص، والتي قد تتسبب في أخطار على الصحة العمومية والنظافة والأمن والفلاحة والأنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالم والمناطق السياحية أو قد تسبب في المساس براحة الجوار.
   فمن هذا التعريف يمكن القول أن المنشآت المصنفة هي تلك المنشآت التي تعتبر مصادر ثابتة للتلوث وتشكل خطورة على البيئة، ولقد ظهر مفهوم المنشآت المصنفة في فرنسا منذ سنة 1810 وذلك مع بداية الثورة الصناعية وتطور هذا المفهوم مما أدى إلى وضع مدونة المنشآت المصنفة في فرنسا بموجب مرسوم صادر في 20 ماي 1953 والتي عرفت عدة تعديلات تماشيا مع التطور الصناعي والتكنولوجي .
  « Une installation est dite classée lorsque du fait de ses inconvénients ou dangers elle a fait l’objet d’une inscription sur une liste appelée nomenclature »[8].
   ولقد تأثر المشرع الجزائري بالقانون الفرنسي، فنص على المنشآت المصنفة في قانون البيئة لسنة 1983[9] كما أنه صدرت نصوص تنظيمية تضبط التنظيم الذي يطبق على المنشآت المصنفة ووضعت مدونة حددت فيها قائمتها[10]، كما حدد المرسوم التنفيذي 99/253 تشكيلة لجنة حراسة ومراقبة المنشآت المصنفة.


ثانيا: إجراءات الحصول على رخصة استغلال المنشأة المصنفة
   قسم المشرع الجزائري المنشآت المصنفة إلى فئتين: منشآت خاضعة لترخيص ومنشآت خاضعة لتصريح بحيث تمثل المنشآت الخاضعة للترخيص الصنف الأكثر خطورة من تلك الخاضعة للتصريح.



 1- المنشآت الخاضعة لترخيص:installations soumises à autorisation
   لقد حددت المادة 19 من قانون 03/10 الجهة المكلفة بتسليم رخصة استغلال المنشآت المصنفة، وذلك حسب أهميتها ودرجة الأخطار أو المضار التي تنجر عن استغلالها وقسمتها إلى ثلاثة أصناف:
   حيث تخضع المنشآت من الصنف الأول إلى ترخيص من الوزير المكلف بالبيئة، ويخضع الصنف الثاني إلى ترخيص من الوالي المختص إقليميا، في حين يخضع الصنف الثالث إلى ترخيص من رئيس المجلس الشعبي البلدي، أما عن وقت طلب الترخيص فيتعين تقديمه في الوقت الذي يقدم فيه طلب رخصة البناء.
   وفيما يتعلق بإجراءات الحصول على الترخيص فهي تتمثل في :
1- ضرورة تقديم طلب الترخيص لدى السلطة المانحة له: يشمل كافة المعلومات الخاصة بصاحب المنشأة سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.
2- معلومات خاصة بالمنشأة: وتتمثل أساسا في الموقع الذي تقام فيه المنشأة، طبيعة الأعمال التي يعتزم المعني القيام بها، وأساليب الصنع.
3- تقديم دراسة التأثير أو موجز التأثير: الذي يقام من طرف مكاتب دراسات أو مكاتب خبرات أو مكاتب استشارات معتمدة من طرف الوزارة المكلفة بالبيئة، وهذا على نفقة صاحب المشروع.
4- إجراء تحقيق عمومي ودراسة تتعلق بأخطار وإنعكاسات المشروع: إلا أن المشرع لم يحدد كيفية إجراء هذا التحقيق، كما أنه لم يحدد الجهة المكلفة بالقيام به.
وكما سبق الإشارة إليه فإن المنشآت المصنفة محددة عن طريق قائمة، وعليه فإنه في حالة عدم ورود ذكر المنشأة ضمن هذه القائمة تقوم السلطة التي تم إيداع الملف لديها بإشعار صاحب الطلب خلال 15 يوم التي تلي تاريخ الإيداع ثم يعاد الملف إلى المعني.
   أما في حالة ما إذا كانت المنشأة ضمن المنشآت المنصوص عليها في الصنف الثالث، ففي هذه الحالة يقرر الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي بمقتضى قرار الشروع في تحقيق مبينا فيه موضوع التحقيق وتاريخه ويقوم بتعيين منذوب محقق من بين الموظفين المصنفين على الأقل في الصنف 15 من القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
   كما يتم تعليق الإعلان للجمهور في مقر البلدية التي سوف تقام المنشأة بإقليمها وذلك قبل 08 أيام على الأقل من الشروع في التحقيق، وتفتح على مستواها سجل تجمع فيه أراء الجمهور بعدها تقدم نسخة من طلب الرخصة للمصالح المحلية المكلفة بالبيئة والري والفلاحة والصحة والشؤون الاجتماعية والحماية المدنية ومفتشية العمل والتعمير والبناء والصناعة والسياحة من أجل إبداء رأيها في أجال 60 يوما وإلا فصل في الأمر من دونها.
   وعند انتهاء التحقيق يقوم المنذوب المحقق باستدعاء صاحب الطلب خلال 8 أيام و يبلغه بالملاحظات الكتابية و الشفوية، ويطلب منه تقديم مذكرة إجابة خلال مدة حددها المشرع ب 22 يوما.
   ثم يقوم المنذوب المحقق بإرسال ملف التحقيق إلى الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي مدعما باستنتاجاته الذي يفصل في الطلب بناءا على نتائج التحقيق التي يتم تبليغها إلى المعني.
   وأجال التبليغ تختلف حسب الأصناف الثلاثة للمنشآت: فإذا كانت المنشأة تنتمي إلى الصنف الثالث فإن التبليغ يتم عن طريق رئيس المجلس الشعبي البلدي خلال مدة لا تتجاوز شهر، أما بالنسبة للمنشآت التي تنتمي إلى الصنف الثاني فإن التبليغ يتم في مدة أقصاها 45 يوم، في حين أن المنشآت من الصنف الأول فيتم التبليغ في مدة لا تتجاوز 90 يوما.
   ويجب على الإدارة المختصة أن تبرر موقفها في حالة رفض تسليم الرخصة، ويمكن للمعني في هذه الحالة أن يتقدم بطعن إلا أن المرسوم98/339 لم يحدد الجهة التي يتم أمامها الطعن.
   أما إذا تعلق الأمر بمنشأة غير مدرجة في قائمة المنشآت المصنفة وكان استغلالها يشكل خطراً وضرراً على البيئة، فالوالي وبناءا على تقرير من مصالح البيئة يقوم بإعذار المستغل محددا له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة، وإذا لم يمتثل المستغل في الأجل المحدد يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة[11].
 2- المنشآت الخاضعة للتصريح:installation soumise à déclaration
      وهي تلك المنشآت التي لا تسبب أي خطر ولا يكون لها تأثير مباشر على البيئة، ولا تسبب مخاطر
أو مساوئ على الصحة العمومية والنظافة والموارد الطبيعية والمناطق السياحية، لهذا فهي لا تستلزم القيام بدراسة التأثير أو موجز التأثير .
   ويسلم هذا التصريح من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي، بعد أن يقدم صاحب المنشأة طلب يشمل على كافة المعلومات الخاصة به سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، والمعلومات الخاصة بالمنشأة ( الموقع، طبيعة الأعمال المقرر قيامها...إلخ).
   أما إذا رأى رئيس المجلس الشعبي البلدي بأن المنشأة تخضع لنظام الرخصة فيقوم بإشعار صاحب المنشأة في أجل 8 أيام لكي يتخذ الإجراءات اللازمة لذلك[12].






[1]- لقد ارتكز الفقه على معيارين لتعريف الضبط الإداري وهما : المعيار العضوي و المعيار الموضوعي، فتبعا للمعيار العضوي يمكن تعريف الضبط الإداري على أنه مجموع الأجهزة و الهيئات التي تتولى القيام بالتصرفات و الإجراءات التي تهدف إلى المحافظة على النظام العام. و من منطلق المعيار الموضوعي يمكن تعريف الضبط الإداري على أنه مجموعة الإجراءات و التدابير التي تقوم بها الهيئات العامة حفاظا على النظام العام، أو النشاط الذي تقوم به السلطات العامة من أجل المحافظة على النظام العام.
[2]- يعرف الدكتور عمار بوضياف أسلوب الترخيص على أنه:" اشتراط الإدارة و طبقا لنصوص القانون أو التنظيم على الأفراد ترخيصا معينا إن هم أرادوا ممارسة حرية معينة أو القيام بعمل معين كما لو أراد الأفراد ممارسة حق التجمع أو إقامة مسيرة فمن حق الإدارة أن تفرض عليهم الحصول على رخصة قبل القيام بالنشاط و إلا كان عملهم مشوبا بعيب في المشروعية، كما تستطيع الإدارة أن تفرض على حامل السلاح استصدار رخصة لذلك أو أن تفرض على من أراد الدخول لمنطقة معينة الحصول على إذن من جهة محددة وعادة ما يكون ذلك في الحالات الاستثنائية." 
[3]- قانون رقم 04/05 المؤرخ في 27 جمادى الثانية 1425 الموافق 14 غشت 2004 المعدل والمتمم لقانون 90/29 المؤرخ في 14 جمادى الأولى عام 1411 الموافق ل1 ديسمبر 1990 والمتعلق بالتهيئة والتعمير.
[4]- المادة 15 من القانون رقم 98/04 المؤرخ في 15 جوان 1998 و المتعلق بحماية التراث الثقافي.
[5]- المادة 29 من القانون رقم 03/03 المؤرخ في 17 فيفري 2003 و المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية.
[6] -محاضرات في المنازعات المتعلقة برخصة البناء من إعداد الأستاذة: ليلى زروقي و الملقاة على الطلبة القضاة الدفعة الرابعة عشر. ماي 2005.
[7]- المادة 18 من قانون 03/10 المؤرخ في 19 يوليو 2003 و المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة.
[8]- Michel prieur .précité .p 462.
[9]- المادة 74 من قانون 83/10 المؤرخ في 05 فيفري 1983 و المتعلق بحماية البيئة.
[10]- المرسوم التنفيذي 98/339 المؤرخ في 03 نوفمبر 1998 و الذي يضبط التنظيم الذي يطبق على المنشآت المصنفة و يحدد قائمتها.
[11]- المادة 25 من قانون 03/10 .
[12]- المادة 23 من المرسوم 98/339.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire