أثار قيام المسؤولية المدنية
إذا تحقق الضرر
يثبت حق المتضرر في التعويض، وكما سبق و أن أشرنا فالتعويض لا يلقى ترحيباّ كبيراّ
في مجال الأضرار البيئية، ذلك أن الهدف هو ليس جبر الضرر عن طريق التعويض، وإنما
هو الحد من الانتهاكات البيئية.
ومهما يكن الأمر فالتعويض هو
الأثر الذي يترتب على تحقق المسؤولية، ومتى تحقق ذلك كان للمتضرر الحق في رفع دعوى
للمطالبة به.
والتعويض طبقا للقواعد العامة
للمسؤولية المدنية هو على نوعين: فقد يكون عيناً أو نقداً، إلا أنه أعطي للقاضي
السلطة التقديرية في تحديد طريقة التعويض، تبعا لطبيعة الضرر وظروف القضية، فهناك
أضرار تمكن المتضرر من طلب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر وعلى
المحكمة في هذه الحالة الحكم بهذا الشكل من أشكال التعويض و هو ما يسمى بالتعويض
العيني.
وفي أحيان أخرى يكون إعادة الحال
إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر أمراً مستحيلاً، وفي مثل هذه الحالة يتم جبر الضرر
بالنقود وهو ما يسمى بالتعويض النقدي.
الفرع الأول: التعويض العيني
يقصد بالتعويض
العيني الحكم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، وهذا النوع من
التعويض هو الأفضل خصوصاً في مجال الأضرار البيئية، لأنه يؤدي إلى محو الضرر تماما
وذلك بإلزام المتسبب فيه بإزالته، وعلى نفقته خلال مدة معينة.
ولقد نص القانون المدني الجزائري
على هذا النوع من التعويض في المادة 164 من القانون المدني التي تنص:" يجبر
المدين بعد إعذاره طبقا للمادتين 180 و181 على تنفيذ التزامه تنفيذا عينياً، متى
كان ذلك ممكناً".
إلا أنه ما يلاحظ أن المشرع
الجزائري وفي قانون البيئة، نجده قد اعتبر أن نظام إرجاع الحال إلى ما قبل مرتبط
بالعقوبة الجزائية، و هوما نصت عليه مثلا المادة 102 من قانون البيئة 03/10 التي
جاء فيها:" يعاقب بالحبس لمدة سنة واحدة وبغرامة قدرها خمسمائة ألف دينار
(500.000دج) كل من استغل منشأة دون الحصول على الترخيص...كما يجوز للمحكمة الأمر
بإرجاع الأماكن إلى حالتها الأصلية في أجل تحدده".
وهذا على عكس المشرع الفرنسي الذي اعتبر نظام إرجاع الحالة إلى ما كانت
عليه من قبل عقوبة ينطق بها القاضي المدني أو القاضي الجزائي.
لكن من جهة أخرى ومادام أن
المشرع الجزائري لم يضع قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية،
فإنه يجب على القاضي المدني في هذه الحالة الرجوع إلى القواعد العامة للمسؤولية
المدنية ومن ثمة يمكن له الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل في كل
الأحوال الذي يكون ذلك ممكنا.
الفرع الثاني: التعويض النقدي
يتمثل التعويض النقدي في الحكم للمتضرر
بمبلغ من النقود نتيجة ما أصابه من ضرر[1]،
حيث تحدد المحكمة آلية الدفع، ويلجأ القاضي إلى التعويض النقدي خصوصا في مجال
الأضرار البيئية في الحالات التي لا يمكن إعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل، كون
أن الضرر يكون نهائياً لا يمكن إصلاحه، كأن ترتطم ناقلة نفط في مياه البحر فتؤدي
إلى القضاء على كل الكائنات البحرية، ففي مثل هذه الحالة يصعب إعادة الحال إلى ما
كان عليه من قبل وقوع الضرر.
ومن الناحية العملية، قد يكون
العامل الإقتصادي هو السبب في إختيار القاضي لطريقة التعويض النقدي عن الضرر
البيئي، بسبب التكلفة الباهضة التي قد تتطلبها طريقة التعويض العيني، حيث يمتنع
قضاء كثير من الدول الحكم بالتعويض العيني بسبب الأثار الإقتصادية التي قد تترتب
على إتباع هذا الأسلوب، إضافة إلى إختلافها مع التوجهات نحو تشجيع الإستثمار.
ومن أمثلة ذلك: التلوث الناجم عن مصانع الفوسفات بسبب تطاير الغبار
والغازات السامة، فقد يكتفي القاضي بالتعويض النقدي لأن الشركة قادرة على دفع
النقود، وقد يقرر القاضي إلزام الشركة بتركيب مصافي
(Les filtres)، إلا أنه لا
يستطيع الحكم بإزالة المصنع لأنها تعد رافداً اقتصاديا هاماً لخزينة الدولة.
وطبقا للقواعد العامة يشمل تقدير
التعويض على عنصرين: هما الخسارة التي لحقت بالمتضرر والكسب الذي فاته، ولا يدخل
في تقدير التعويض أن يكون الضرر متوقعا أو غير متوقع، ففي المسؤولية التقصيرية
يشمل التعويض كل ضرر متوقعاً كان أو غير متوقع.
ولقد أخذ المشرع الجزائري بمبدأ التعويض الكامل للضرر، والذي يعني أن
التعويض يجب أن يغطي كل الضرر الذي أصاب المتضرر، والذي يغطي كافة الأضرار المادية
والمعنوية.
[1]- تنص المادة 176 من القانون المدني:" إذا استحال على المدين
أن ينفذ الإلتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن تنفيذ إلتزامه، ما لم يثبت
أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين
في تنفيذ إلتزامه".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire