مقدمة :
المفروض أن
يقوم المدين بوفاء حق الدائن اختيارا ،فإن امتنع عن ذلك أو تأخر كان للدائن أن يقتضي
حقه جبرا عنه ، عن طريق التنفيد الجبري على أموال المدين، فجميع أموال المدين ضامنة
لحقوق دائنه.
غير أن الضمان
العام لا يكفي لتأمين حق الدائن إذ يظل الدائن معرضا لعدم كفاية أموال المدين
للوفاء بحقه و مزاحمة الدائنين الآخرين له في استيفاءه لحقه من هذه الأموال. لهذا
كان لابد من وجود تأمين خاص لحق الدائن لجانب الضمان العام(1) .
و قد اتخدت
التأمينات الخاصة لحق الدائن إحدى الصورتين فقد تكون تأمينات شخصية
Sûretés Personnelles
و قد
تكون عينية Sûretés Réelles التي
بموجبها يتقدم الدائن الذي ينتفع بها على الدائن العادي و بالإضافة لحق التقدم Droit
de préférence له أيضا
حق التبع Doit de suite و قد كان
ظهور التأمينات العينية متأخر عن التأمينات الشخصية و يرجع ذلك لأن التأمينات
العينية تقوم في أساسها على العقار الذي كان ملك للأسرة جميعها حيث كان يمثل
الثروة الحقيقية و يمثل الأسرة رئيسها فهو وحده الذي يحوز العقار و لا يملكه أما
بقية أفراد الأسرة فكانوا يلجؤون للتأمينات الشخصية و
يساعدهم على ذلك قيام روابط الأسرة و التضامن فيما بين أفرادها فكان النظام
الاجتماعي للقبيلة السبيل المهيئ لهيمنة التأمينات الشخصية لما يوفر من تضامن و
تكافل.
وقد كانت الحقوق العينية في القانون الروماني
القديم مقصورة على الملكية فلم يكن في وسع المدين إذ أراد تقديم تامين عيني للدائن
على مال له إلا نقل ملكية المال لهذا الأخير على أن يتعهد الدائن بإعادة نقل ملكية
هذا المال عند وفاء المدين بالدين و إلا قام بيعه و استيفاء حقه من
ثمنه دون مقاسمة باقي الدائنين(2) .
وبعدما تفطن
الرومان إلى عيوب التصرف التأميني هذا فكروا في وسيلة أخرى أقل خطورة على المدين و
هي رهن الحيازة حيث يكون بمقتضاه للدائن حيازة المال موضوع التأمين و تبقى ملكية للمدين
،و شاع استعماله على العقار و على المنقول ،و لم يكن في بداية ظهوره يخول للدائن
سوى حق حبس المرهون لحين الوفاء مما يشكل أداة ضغط على إرادة المدين دون حق البيع
عند حلول أجل الدين و عدم الوفاء .

(1) د/عبد الناصر توفيق العطار - التأمينات العينية - دار الفكر
العربي - 1980 - ص 1
(2)
د/محمود جمال الدين زكي - التأمينات الشخصية و العينية - دار الكتاب الحديث -
الطبعة الثالثة لسنة 1979 بند 72 - ص 146
وحرم بند تملك
الدائن العين المرهونة في حالة عدم الوفاء عند حلول الدين و استبدل ببند آخر يجيز للدائن
إذا لم يف المدين بالدين شراء العين المرهونة بثمن عادل
،ليتم في النهاية أدراج بند آخر بحيز للدائن عند عدم الوفاء حق بيع العين المرهونة
و استيفاء حقه من ثمنها بالإضافة إلى حق الدائن المرتهن حياز يا في استرداد
الحيازة إذا سلبها منه المدين أو الغير.
و من ذلك فان
الرهن الحيازي بعبر عن مرحلة قديمة حيث كانت العقلية القانونية لا تتصور رهن
الدائن لشيء دون انتقال حيازته .و قد كان المقرض من يمنح جزافا دخل العقار المرهون
و كان المدين يخصص دخل عقاره لدفع فوائد الدين و كان يخفي في معظم الأحوال فوائد
ربوية أعلى من الفوائد المعتادة في عقد القرض .و كان يعرف في القانون الفرنسي
القديم Le mort-gage أي الرهن الميت إذ كان الدائن المرتهن
حياريا يقبض ثمار الرهن و لا يخصمها من الدين و كان دخل العقار المرهون مخصص
للوفاء بالفوائد فقط مهما كان مقدار هذا الدخل ، أما في القانون الفرنسي الحالي
فان الدائن يلتزم بخصم الفوائد ثم الأصل من دخل العقار و لم يعد بترك دخل العقار
جزافا للدائن و يسمى باسم Le vif –gage أي الرهن
الحي(1).
و قد نظم القانون
المدني الجزائري الرهن الحيازي و أفرد للرهن الحيازي الوارد على العقار أحكاما
خاصة به في ثلاث مواد تحت عنوانLe nantissement immobilier
الرهن العقاري حيث يخضع في أحكامه إلى الأحكام العامة للرهن الحيازي من جهة و في
بعض أحكامه لأحكام الرهن الرسمي.
و من هذا الجانب تظهر أهمية دراسة الرهن الحيازي
العقاري و هي التسمية التي سنعتمدها في دراسة هذا الموضوع و ذلك للبحث في بعض
الإشكاليات القانونية المترتبة على التنظيم المزدوج له فإلى أي مدى وفق المشرع الجزائري
في تنظيم أحكامه ؟
سنكتفي في بحثنا لهذا الموضوع بالتركيز على التشريع
الجزائري مع مقارنته قدر الإمكان مع بعض التشريعات الأخرى كالتشريع المصري و الفرنسي لما
لهما من ارتباط تاريخي بتشريعنا وذلك بالتطرق لدراسة مضمونه و آثاره والتنفيذ عليه
وانقضاءه
و قسمنا بحثناهذا إلى فصلين إثنين :
الفصل الأول :
ندرس فيه
مفهوم الرهن الحيازي العقاري و تكوين عقد الرهن و نتناول فيه أركانه و شروط نفاذه.
الفصل الثاني :
ندرس فيه
ما يرتبه الرهن الحيازي العقاري من آثار بين المتعاقدين و في
مواجهة الغير و التنفيذ على العقار و انقضاء الرهن.

(1) Henri Et Léon
Mazeaud et Jean(M) et François(C) – leçon de droit civil – Tome 3 – 1er
volume – sûretés ,publicité foncière .Edition Montchrestien .Paris – 1968 page
176
خطة البحث
الفصل الأول :
إنشاء الرهن الحيازي العقاري
المبحث الأول : مفهوم الرهن الحيازي العقاري
المطلب الأول : تعريف الرهن الحيازي العقاري و
طبيعته القانونية
الفرع الأول :
تعريف الرهن الحيازي العقاري
الفرع الثاني :
الطبيعة القانونية للرهن الحيازي العقاري
المطلب الثاني : خصائص الرهن الحيازي العقاري
الفرع الأول :
خصائصه بإعتباره حقا
الفرع الثاني :
خصائصه بإعتباره عقدا
المبحث الثاني :
تكوين الرهن الحيازي العقاري
المطلب الأول :
أركان الرهن الحيازي العقاري
الفرع الأول :
أطراف عقد الرهن الحيازي العقاري
الفرع الثاني :
العقار المرهون
الفرع الثالث :
الدين المضمون
المطلب الثاني :
نفاذ الرهن الحيازي العقاري
الفرع الأول :
الرسمية كخطوة أولية لقيد الرهن
الفرع الثاني :
القيد
الفرع الثالث :الحيازة
الفصل الثاني :
آثار الرهن الحيازي العقاري و انقضائه
المبحث الأول : آثار الرهن الحيازي العقاري
المطلب الأول : آثار الرهن الحيازي العقاري فيما بين المتعاقدين
الفرع الأول :
التزامات المدين الراهن
الفرع الثاني :
التزامات الدائن المرتهن
المطلب الثاني :
آثار الرهن الحيازي العقاري بالنسبة
للغير
الفرع الأول :
الحق في الحبس
الفرع الثاني :
حق الأفضلية
الفرع الثالث :
حق التتبع
المبحث الثاني : التنفيذ على العقار المرهون حيازيا
و انقضائه
المطلب الأول : التنفيذ على العقار المرهون حيازيا
الفرع الأول :
بطلان شرط التملك عند عدم الوفاء و شرط البيع دون إجراءات
الفرع الثاني :
إجراءات التنفيذ على العقار المرهون حيازيا
المطلب الثاني : انقضاء الرهن الحيازي العقاري
الفرع الأول :
انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة تبعية
الفرع الثاني :
انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة أصلية
لتحميل الموضوع كاملا
http://flexydrive.com/jhixhuq3o1s9
طريقة التحميل الصحيحة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire