samedi 8 novembre 2014

الجزاءات و التدابير المطبقة لحماية البيئة

الجزاءات و التدابير المطبقة لحماية البيئة
  تتنوع الجزاءات والتدابير المنصوص عليها في القانون الجنائي للبيئة لأجل مواجهة الجنوح البيئية، فالتوجه الحديث للمشرع الجزائري هو تشديد العقوبات عموماً في مجال الجنوح البيئية، إلا أنه تختلف كيفيات مواجهة الخطورة الإجرامية للجانح البيئي على ضوء أحكام قانون العقوبات والقانون الجنائي للبيئة خصوصاً، إذ نجد المشرع الجزائري يفضل تارة العقوبة لأجل ردع الجانح، وتارة أخرى يعمد إلى التدابير الاحترازية ذات الهدف الوقائي.
الفرع الأول: العقوبات الأصلية
   وهي أربعة أنواع، نص عليها المشرع الجزائري: الإعدام، السجن، الحبس، والغرامة.
   وتعكس لنا هذه العقوبات خطورة الجانح، ونوع الجريمة البيئية المرتكبة: جناية، جنحة أو مخالفة.
1- عقوبة الإعدام: رغم الجدل الكبير الدائر حول هذه العقوبة، فإنه يمكننا القول بأنها تعكس خطورة الجانح بحيث لا يرجى إعادة تأهيله، وتعد هذه العقوبة أشد العقوبات.
   والواقع أن عقوبة الإعدام هي نادرة في التشريعات البيئية الجزائرية نظراً لخطورتها، فإذا كانت قوانين حماية البيئة تسعى من أجل حماية الحقوق الأساسية للأفراد ومن ضمنها الحق في الحياة، فإن التشريعات العقابية تصون هذا الحق أيضا، رغم أنها أحيانا تسلبه من الإنسان إلا أنها لا تلجأ إلى ذلك إلا في الحالات التي تكون فيها الجريمة خطيرة تمس بأمن المجتمع[1].
   ومن الأمثلة التي يمكن أن نعطيها في هذا المجال، ما نص عليه المشرع الجزائري في القانون البحري بحيث يعاقب بالإعدام ربان السفينة الجزائرية أو الأجنبية الذين يلقون عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الجزائري[2].
   كذلك نص المشرع الجزائري على عقوبة الإعدام في قانون العقوبات، وذلك في حالة الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو في المياه بما فيها المياه الإقليمية، والتي من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر، وقد جعل المشرع هذه الأعمال من قبيل الأفعال التخريبية و الإرهابية[3].
2- عقوبة السجن: و هي العقوبة التي تقيد من حرية الشخص، وهي مقررة للجرائم الموصوفة بأنها جناية وتأخذ صورتان: سجن مؤبد وسجن مؤقت.
   ومن النصوص التي أشار فيها المشرع لعقوبة السجن المؤقت، ما تضمنه قانون العقوبات في المادة 432/2 التي تعاقب الجناة الذين يعرضون أو يضعون للبيع أو يبيعون مواد غذائية أو طبية فاسدة بالسجن المؤقت من عشر(10) إلى عشرين (20) سنة إذا تسببت تلك المادة في مرض غير قابل للشفاء أو في فقدان استعمال عضو أو في عاهة مستديمة.
   كما تعاقب المادة 396 من نفس القانون بالسجن المؤقت من (10) عشر سنوات إلى (20) سنة كل من يضع النار عمدا في غابات أو حقول مزروعة أو أشجار أو أخشاب.
   ولقد نصت المادة 66 من قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها على مايلي:" يعاقب بالسجن من خمس(5) إلى ثماني (8) سنوات وبغرامة مالية من مليون دينار 1.000.000 دج إلى خمسة ملايين 5.000.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من استورد النفايات الخاصة الخطرة أو صدرها أو عمل على عبورها مخالفا بذلك أحكام هذا القانون".
3- عقوبة الحبس: لا تطبق هذه العقوبة إلا إذا كنا بصدد جنحة أو مخالفة بيئية، ومن خصائصها أنها عقوبة مؤقتة.
   وما يلاحظ أن أغلب عقوبات الجرائم البيئية في التشريعات الخاصة بحماية البيئة في الجزائر أخضعها المشرع لعقوبة الحبس، سواءاً اعتبرها جنحة أو مخالفة.
 أ/ ومن أمثلة عقوبة الحبس في قانون 03/10 المتعلق بقانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة:
1- ما نصت عليه المادة 81 التي تعاقب بالحبس من عشر(10) أيام إلى ثلاثة(3) أشهر على كل من تخلى أو أساء معاملة حيوان داجن أو أليف أو محبوس، في العلن أو الخفاء، أو عرضه لفعل قاس، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
2- في إطار حماية الماء والأوساط المائية تعاقب المادة 93 بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل ربان خاضع لأحكام المعاهدة الدولية للوقاية من تلوث مياه البحر بالمحروقات والمبرمة بلندن في 12 ماي 1954، الذي ارتكب مخالفة للأحكام المتعلقة بحظر صب المحروقات أو مزجها في البحر، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
 3- أما بخصوص المنشآت المصنفة تعاقب المادة 102 من نفس القانون بالحبس لمدة سنة واحدة كل من استغل منشأة دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.
 4- وتعاقب المادة 107 بالحبس لمدة ستة(6) أشهر كل من أعاق مجرى عمليات المراقبة التي يمارسها الأعوان المكلفون بالبحث ومعاينة المخالفات المتعلقة بالبيئة.
 ب/ أما في قانون الصيد فنجد أيضا أمثلة كثيرة عن عقوبة الحبس نذكر من بينها:
1- ما نصت عليه المادة 85 والتي تعاقب بالحبس من شهرين(2) إلى ثلاث(3) سنوات كل من يمارس الصيد أو أي نشاط صيد أخر خارج المناطق والفترات المنصوص عليها في هذا القانون.
2- ويعاقب كل من حاول الصيد أو اصطاد بدون رخصة صيد أو ترخيص أو بإستعمال رخصة أو إجازة صيد الغير بالحبس من شهرين(2) إلى ستة(6) أشهر، ويعاقب بنفس العقوبة كل من يصطاد الأصناف المحمية أو يقبض عليها أو ينقلها أو يبيعها بالتجول أو يستعملها أو يبيعها أو يشتريها أو يعرضها للبيع أو يقوم بتحنيطها.
 ج/ نجد كذلك عقوبة الحبس أيضا في قانون الغابات إذ تنص المادة 75 منه على معاقبة كل من يستغل المنتجات الغابية أو ينقلها دون رخصة بالحبس من 10 أيام إلى شهرين.
 د/ عقوبة الحبس في قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها:
1- تعاقب المادة 60 منه كل من يقوم بإعادة استعمال مغلفات المواد الكيماوية لإحتواء مواد غذائية مباشرة بالحبس من شهرين(2) إلى سنة، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
2- كذلك يعاقب بالحبس من ثلاثة(3) أشهر إلى سنتين(2) كل من قام بخلط النفايات الخاصة الخطرة مع النفايات الأخرى[4]، ويعاقب بالحبس من ستة(6) أشهر إلى سنتين(2) كل من سلم أو عمل على تسليم هذه النفايات الخطرة بغرض معالجتها إلى شخص مستغل لمنشأة غير مرخص لها بمعالجة هذا الصنف من النفايات، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
 ه/ في قانون المياه الجديد 05/12 نجد أيضا عقوبة الحبس:
فكل من يعرقل التدفق الحر للمياه السطحية في مجارى الوديان المؤدي إلى المساس بإستقرار الحواف والمنشآت العمومية والإضرار بالحفاظ على طبقات الطمي يعاقب بالحبس من شهرين(2) إلى ستة(6) أشهر وتضاعف العقوبة في حالة العود[5].
ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من يقوم بتفريغ المياه القذرة أو صبها في الأبار والينابيع وأماكن الشرب العمومية والوديان والقنوات أو وضع مواد غير صحية في الهياكل والمنشآت المائية المخصصة للتزويد بالمياه والتي من شأنها أن تؤدي إلى تلويثها، كما أن استعمال الموارد المائية دون الحصول على الرخصة من قبل الإدارة المختصة يعاقب بالحبس من ستة(6) أشهر إلى سنتين.
   هذه بعض الأمثلة عن عقوبة الحبس في قانون البيئة والقوانين الأخرى المرتبطة به، والذي لا يسعنا المجال على ذكرها لكثرتها، وإنما اكتفينا بذكر أهمها.
4- الغرامة: تعد الغرامة من أنجع العقوبات، ذلك لكون أغلب الجانحين البيئيين هم من المستثمرين الاقتصادين والذين يتأثرون كثيرا بهذا النوع من العقوبات، إلى جانب كون أغلب الجرائم البيئية جرائم ناجمة عن نشاطات صناعية تهدف إلى تحقيق مصلحة اقتصادية، بل إن الضرر البيئي لم يكن ليوجد لولا التعسف في الوصول إلى هذه المصلحة[6].
   وعلى كل فإنه لابد من الإشارة بإهتمام المشرع الجزائري من خلال القوانين الجديدة المتعلقة بالبيئة برفع الحدين الأقصى والأدنى لعقوبة الغرامة في الجرائم البيئية.
   ومن خصائص هذه العقوبة أنها قد تأتي في شكل عقوبة أصلية مقررة على الفعل المجرم ومن أمثلة ذلك:
   ما نصت عليه المادة 84 من قانون 03/10 التي تعاقب كل من تسبب في تلوث جوي بغرامة من 5000دج إلى 15000دج.
   كذلك ما نصت عليه المادة 97 من نفس القانون التي تعاقب بغرامة من مائة ألف دينار (100.000دج) إلى مليون دينار(1000.000دج) كل ربان تسبب بسوء تصرفه أو رعونته أو غفلته أو إخلاله بالقوانين والأنظمة في وقوع حادث ملاحي أو لم يتحكم فيه أو لم يتفاداه، ونجم عنه تدفق مواد تلوث المياه الخاضعة للقضاء الجزائري.
   ونجد الغرامة كعقوبة أصلية، في قانون الغابات 84/12 إذ تنص المادة 79 منه على أنه يعاقب بغرامة من 1000دج إلى 3000دج كل من يقوم بتعرية الأراضي بدون رخصة، ويعاقب بغرامة من 1000دج إلى 10.000دج عن كل هكتار كل من قام بتعرية الأراضي في الأملاك الغابية الوطنية.
   أما عن قانون المياه الجيد 05/12 فنجد أيضا عقوبة الغرامة، إذ يعاقب كل من قام باكتشاف المياه الجوفية عمدا أو صدفة أو كان حاضرا أثناء هذا الاكتشاف ولم يبلغ إدارة الموارد المائية المختصة إقليميا بغرامة من 5000دج إلى 10.000دج، وتضاعف العقوبة في حالة العود[7].
   ويعاقب بغرامة من 50.000دج إلى 100.000دج كل من يقوم ببناء جديد أو غرس أو تشييد سياج ثابت وكل تصرف يضر بصيانة الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط.
   ولقد نصت المادة 55 من قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها على أنه يعاقب بغرامة مالية من خمسمائة500دج إلى خمسة ألاف دينار 5000دج كل شخص طبيعي قام برمي أو يإهمال النفايات المنزلية وما شبهها أو رفض استعمال نظام جمع النفايات وفرزها الموضوعة تحت تصرفه من طرف الهيئات المختصة.
وقد تأتي الغرامة كعقوبة تبعية إضافة إلى عقوبة الحبس، ومن أمثلة ذلك ما نص عليها قانون البيئة 03/10 في مادته 102 بتوقيع غرامة خمسمائة ألف دينار 500.000دج على كل من استغل منشأة دون الحصول على رخصة، وذلك بالإضافة إلى عقوبة الحبس، وقد يصل مقدار هذه الغرامة إلى مليون دينار 1.000.000دج توقع على كل من استغل منشأة خلافا لإجراء قضى بتوقيف سيرها أو بغلقها[8].
   كما يعاقب قانون الصيد 04/07 بغرامة من عشرين ألف دينار 20.000دج إلى خمسين ألف دينار 50.000دج كل من حاول الصيد أو اصطاد بدون رخصة صيد أو ترخيص باستعمال رخصة أو إجازة صيد وذلك بحانب عقوبة الحبس.
   أما في قانون المياه 05/12 فتعاقب مادته 172 بغرامة من 50.000دج إلى مليون دينار 1000.000دج كل من يقوم بتفريغ مياه قدرة أو صبها في الأبار والحفر وأروقة إلتقاء المياه والينابيع وأماكن الشرب العمومية والوديان الجافة والقنوات إضافة لعقوبة الحبس.
الفرع الثاني: العقوبات البيئية التبعية والتكميلية
   تأتي هذه العقوبات في الدرجة الثانية بعد العقوبات الأصلية وهي:
1- العقوبات التبعية:
   لا نكون بصدد هذا النوع من العقوبات إلا إذا كنا بصدد جناية بيئية، والجنايات البيئية في التشريعات البيئية كما رأينا سابقا تعد قليلة، كون أغلب الجرائم هي جنح أو مخالفات، لكن يمكن تطبيقها على الجنايات المعاقب عليها بالمواد 87 مكرر، 432/2 و 396/2 من قانون العقوبات والمادة 66 من قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات وإزالتها.
   ويعد الحجر القانوني أبرز هذه العقوبات، والذي يمكن تطبيقه على الجانح البيئي، ونعني به منع المجرم من حقه في إدارة أمواله طيلة مدة العقوبة، إلى جانب الحرمان من الحقوق الوطنية وهذه العقوبة تطبق بقوة القانون.
2- العقوبات التكميلية:
   هذا النوع من العقوبات تكمل العقوبة الأصلية، ومن أهم هذه العقوبات والتي يمكن أن تؤدي دورا هاما في مواجهة الجنوح البيئي لدينا:
 أ/- مصادرة جزء من أموال الجانح البيئي: وهو إجراء لا يطبق في الجنح أو المخالفات البيئية إلا بوجود نص قانوني يقرره، ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة 82 من القانون 01/11 المتعلق بالصيد البحري والتي تنص:" وفي حالة استعمال مواد متفجرة تحجز سفينة الصيد إذا كان مالكها هو مرتكب المخالفة ".
   وما نصت عليه المادة 89 من قانون الغابات 84/12 على أنه:" يتم في جميع حالات المخالفات مصادرة المنتجات الغابية محال المخالفة".
   كما تنص المادة 170 من قانون المياه 05/12 على أنه يمكن مصادرة التجهيزات والمعدات التي استعملت في إنجاز أبار أو حفر جديدة أو أي تغييرات بداخل مناطق الحماية الكمية[9].
 ب/- حل الشخص الاعتباري: أي منعه من الاستمرار في ممارسة نشاطه طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات وكان من الأحسن لو أخذت هذه العقوبة أي حل الشخص المعنوي كعقوبة أصلية تماشيا مع الإتجاه الحديث الذي أصبح يأخذ بالمسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية.



[1]-  أ.حميدة جميلة. المرجع السابق. ص 162
[2] - أنظر المادة 500 من القانون البحري.
[3]- المادة 87مكرر و 87مكرر 1 من قاون العقوبات.
[4]- المادة 61 من قانون 01/19.
[5]- المادة 169 من قانون 05/12 المتضمن قانون المياه.
[6]-  أ. عبد الآوي جواد- المرجع السابق- ص:88.
[7]- المادتين 6و 166 من قانون 05/12 المتضمن قانون المياه.
[8] المادة 103 من قانون 03/10.
[9] حسب المادة 31 من قانون 05/12 المتضمن قانون المياه، يقصد بنطاق الحماية الكمية: هي الطبقات المائية المستغلة بإفراط أو المهددة بالاستغلال المفرط قصد حماية مواردها المائية.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire